الدكروري يكتب عن التأمل فى أحداث شهر رمضان


بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 7 مارس 2024

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن شهر رمضان، وإن المتأمل فى أحداث شهر رمضان عبر التاريخ الإسلامى سيجد أمورا عجيبة، هذه الأمور ليست مصادفة، وكل شيء عند الله عز وجل بمقدار، سيجد أن المسلمين ينتقلون كثيرا من مرحلة إلى مرحلة أخرى في شهر رمضان، من ضعف إلى قوة، ومن ذل إلى عزة، ومن ضيق إلى سعة، وقد ارتبط شهر رمضان بالجهاد بشكل لافت للنظر، حتى آيات الصيام في سورة البقرة بداية من قول الله عز وجل كما جاء فى سورة البقرة " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام" 






إلى آخر الآيات تنتهى في ربع من القرآن، ثم يبتدئ ربع جديد، وثانى آية فيه تتحدث عن الجهاد والقتال، وهي آيات كثيرة تحض على الجهاد، والقتال بشدة، والعلاقة واضحة بينها وبين آيات الصيام فالإعداد للجهاد هو إعداد للنفس، إعداد للجسد، إعداد للأمة كلها، والعلاقة بين الصيام والجهاد وثيقة جدا، فالتاريخ الإسلامى يؤكد هذا الارتباط، ومن ذلك أن أول خروج للمسلمين لقتال مشركي قريش كان فى شهر رمضان، وليس المقصود هنا غزوة بدر، فقبل بدر خرج جيش إسلامي لأول مرة لقتال المشركين بعد الإذن بالقتال وكان في رمضان سنة واحد من الهجرة، ولم يكن صيام رمضان قد فرض بعد، وكانت هذه هى سرية حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت السرية فى مكان يُعرف باسم سيف البحر. 





إذن أول مرة يرفع المسلمون سيوفهم للدفاع عن حقوقهم وأنفسهم كانت فى رمضان، ولم يحدث قتال في هذه المرة فقد حجز بينهم أحد حلفاء الفريقين، كان اسمه مجدى بن عمرو الجهنى، وتمر الأيام ويأتى شهر رمضان فى السنة الثانية من الهجرة، ويحدث فى هذا الشهر حدث هائل من أهم الأحداث فى تاريخ الأرض، ليس فى تاريخ المسلمين فقط، ألا وهو غزوة بدر الكبرى فى السابع عشر رمضان فى السنة الثانية من الهجرة وقد انتهت بالنصر الباهر للمسلمين، وهى أول صدام حقيقى بين المسلمين وبين مشركى قريش، وكانت قريش تحمل لواء الكفر فى الجزيرة العربية، وكل شيء فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، محسوب فليس فيه أمر صدفة، ليس فيه قولنا من الممكن أن يكون هذا الحدث فى رمضان، ومن الممكن فى غير رمضان. 





فإن الأمر مقصود، فمقصود أن يكون أول لقاء حقيقى مع المشركين فى بدر، مقصود ومحسوب، والحكم كثيرة جدا، قد نعلم بعضها وقد نجهل بعضها، ولكن في النهاية هذا شيء محسوب، فإن رمضان شهر الانتصارات والتمكين للدين ففى السنة الثالثة عشر من الهجرة حدث فى منتهى الأهمية، إذ استطاع المسلمون في موقعة البويب بقيادة البطل الإسلامي الفذ المثنى بن الحارثة، وكان عدد المسلمين في هذه الموقعة ثمانية آلاف فقط، والفرس مائة ألف بقيادة مهران وهو من أعظم قادة الفرس، وتم اللقاء في الأسبوع الأخير من شهر رمضان فى السنة الثالثة عشر من الهجرة ودارت موقعة من أشد مواقع المسلمين، أمر فيها المثنى جنوده أن يُفطروا ليتقووا على قتال عدوهم، اقتدى بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم فى فتح مكة. 





وثبت المسلمون ثباتا عجيبا، وأبلى المثنى وبقية الجيش بلاء حسنا، وتنزلت رحمات الله وبركاته على الجيش الصابر، فانتصر المسلمون انتصارا رمضانيا هائلا، وترى كم من الفرس قتل في هذه الموقعة؟ فلقد فنى الجيش الفارسى بكامله فى هذه الموقعة، فتجاوز القتلى تسعين ألف فارس من أصل مائة ألف، فكانت هزيمة مروعة للجيش الفارسي بعد شهر واحد من هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، ولنفكر ونتدبر كيف لثمانية آلاف أن يهزموا أكثر من تسعين ألف، وفي عدة أضعف من عدتهم، وفى عقر دارهم، فكيف يحدث هذا؟ لن تعرف تفسيرها أبدا إلا أن تقول كما قال الله تعالى فى سورة الأنفال " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم"هذا هو التفسير الوحيد لهذه الموقعة، التي لا تنسى فى التاريخ الإسلامى.
أحدث أقدم